ان المعاني التي تحملها لفظة "القيادة" جامعة وليست مانعة وتشمل نوعين متكاملين هما
قيادة المنظومة المركّبة والبسيطة. والقيادة هنا تعني إدارة المنظومة بطريقة تؤدي بها هذه الأخيرة وظيفتها على الوجه الأكمل ؛ فيتحقـّق من ثمّة ما رسم لها من أهداف .والقيادة من هذه الوجهة أداة تستهدف التحكّم في التعقيد الذي تتميّز به المنظومة. وتشمل معالجة ما يطرأ عليها من خلل وصعوبات وكلّ آليات المراقبة والتعديل .كما تتضّمن القيادة رسم الأهداف وضبط الأولويات مقترنة بتحديد أكثر الوسائل جدوى. اما الثانية وتعني القيادة الإدارية ونذكر ان القيادة الإدارية ليست قدرات أو سمات فقط بل هي علاقات بين أفراد ، فهي مهنة ووظيفة تجعل الإنسان قائدا عند فهمه للموظّفين وتشجيع العمل الإبداعي لديهم والاحساس بحاجاتهم وخلق مناخ من الثقة معهم وتحقيق طموحاتهم وتفويض السلطة لهم و توزيع العمل بينهم والسير بخطى ثابتة لتحقيق أهداف المؤسسة ولكل من القيادتين لهما ابعاد ومن بينها الاتصالية والتنظيم والنشاط والتعاون والحزم والإبداع وتقدير الآخرين والعدل .

القيادة و تقييم مشاريع المؤسّسة:
لكلّ مشروع أجهزة للمتابعة والتقييم . وهي جزء لا يتجزّأ من المشروع. وتضبط آلية اشتغال هذه الأجهزة وفتراتها ووظائفها وسياقاتها وأنماطها مسبقا، كما تضبط أهداف المشروع ومضامينه ومراحل إنجازه لتحقيق نجاح المشروع وتأمين جدواه وضمان فعاليته.وممّا يتميّز به تقييم مشروع المؤسّسة أن يكون موضوعيا وعلنيا و أن يتم بمساهمة واسعة. والتقييم انواع
اولا:التقييم التعاوني
يحْكُمُ قيادة مشاريع المؤسسات التربوية مبدأ المشاركة : و يعني المشاركة في التصوّر والإعداد والإنجاز والتقييم .ولا يتحقٌق مبدأ المشاركة في قيادة المشاريع التربوية فقط بتحقيق اللامركزية وتفويض الصلاحيات إلى الآخرين بل يعني كذلك زيادة الاستقلال الذّاتي للمؤسسات التعليمية.كما ينمّي مبدأُ المشاركة فتحَ المجال أمام الأطراف المتدخّلة في مشروع المؤسّسة للمشاركة والحوار في كلّ المسائل التربوية والبيداغوجية التي تشمل صياغة المشروع وإقراره وتنفيذه على كافة الأصعدة . والمقصود بالتقييم التعاوني أن يقوم كلّ طرف معنيّ بمشروع المؤسسة التربوية مسيّرا كان أو مدرّسا أو مستفيدا (كالولي) أو فاعلا (كالمتعلّم) أو مشرفا تربويا (كالمتفقّد) بجمع مجموعة من المعلومات المناسبة والصحيحة والموثوق بها وبفحص درجة الملائمة بين تلك المعلومات وبين مجموعة من المعايير الملائمة للأهداف المرسومة وذلك لاتخاذ قرار بنّاء ومؤسّس .
وللتقييم التعاوني أوجه : منها التقييم الذاتي كأن يقوم كل طرف بتقييم عمله أو إسهامه في إنجاح المشروع .
ثانيا:التقييم المتبادل ( أن يقيٌم كلّ طرف عمل الآخر)
ثالثا:التقييم المشترك ( أن يقيٌم طرف من مجال عمل طرف آخر من مجال آخر؛ أو يقيٌم طرف خارج عن مشروع المؤسّسة يقيّم عمل طرف ثان يقع مجال عمله ضمن مشروع المؤسسة ) .

* تحديد أفضية الاهتمام المشترك باعتماد ضبط الأولويات .
* ضبط المعايير والمؤشرات الخاصة بكلّ فضاء .

* قياس درجة الأهمية والتملّك قبل البدء في تنفيذ المشروع .

*إنتاج الأدوات الكفيلة بتحقيق المعايير المرسومة.

*قياس درجة التحقّق بالنسبة إلى كلّ معيار باعتماد المؤشّرات بعد كلّ مرحلة من المراحل المحدّدة مسبقا.
إخبار كلّ الأطراف المعنية بمشروع المؤسّسة دون استثناء من أجل المتابعة والتعديل .
و يتمثٌل هذا المشروع في دعم تعلّم الراسبين والمرتقين بالإسعاف وذوي الصعوبات وعلاجه وتعزيزه وذلك خارج مسارات التعلّم الأساسية، و ملاءمتها لحاجات التلاميذ النّوعيّةوملاءمتها للإمكانات المتاحة ومساهمة التلاميذ في اختيارها وتبنّيها وذلك من حيث:.

.من حيث تصوّره وسياقات بنائه
.من حيث أثره في أداء التلاميذ المعرفي والمنهجي
.من حيث أثره على مناخ المدرسة


.إرساء المبادرات والمقاربات المناسبة في العمل اليومي
.إيجاد التكامل بين المبادرات والمقاربات لتحسين الجودة
.إنتاج المبادرات والمقاربات بما يوافق الحاجات النّوعية
ولتحقيق هذه الاهداف يجب اتباع بعض التقنيات والتي من بينها:
-قياس مردود المدرسة.
-قياس المردود الدّاخلي الكمّي.
-قياس المردود الدّاخلي النوعي.
-قياس المردود الداخلي الكمّي والنّوعي من الجدوى والفاعليّة.
-قياس درجة الأهميّة والتملّك والتحقّق .

وتقاس درجة أهميّة كلّ مؤشّر من مؤشّرات الأفضيّة التسعة المحدّدة ودرجة تملّكه ودرجة تحقّقه بأن يتولى كلّ طرف تحديد قيمته المتراوحة من 1 إلى 5 .ويتمّ قياس هذه الدّرجات وفق معايير ومؤشرات مرفقة بسلٌم قيم تتراوح من " المهمّ جدا " إلى " غير المهمّ" والتي تحدد كمايأتي:
* تحدّد قيمة كلّ واحد منها بإحاطة القيمة بخطّ مغلق لقياس درجة الأهمية لكلّ معيار وكلّ مؤشّربالنسبة الى ذلك الطرف.
** تعاد العملية مرّة ثانية لقياس درجة تملكها من قبله حتّىيحدٌد أولوياته في التكوين ويختار أحد مسارات التكوين المتاحة في دائرة التفقّد (التكوين الذّاتي أو التكوين العادي أو التكوين النّظري والتطبيقي ضمن شبكة التكوين التي أسّست لتكون نواة تكوين عن بعد)
***بعد فترات التكوين التي تلقّاها في كلّ فضاء من الأفضيّة المحدّدة وبعد انقضاء مرحلة من مراحل إنجاز المشروع تعاد مرّة ثالثة قياس درجة تحقّق أو نجاح كلّ معيار باعتماد نفس القيم المعروضة عليه .
****المشاركة بين جميع الأطراف في قياس درجة الأهميّة والتحقّق من عمليّة قياس درجة الأهميّة و تكون حتما متنوّعة الأنماط : ذاتيا وبصفة متبادلة بين بقية الأطراف المعنية بالمشروع وكذلك بطريقة مشتركة بينهم وبين أطراف خارجة عن مجال عملهم أو اهتماماتهم.

ان القيادي في عصر يتسم بثورة المعلوماتية التي فرضت تغيير مفاهيم القيادة والادارة في كل القطاعات والتعليم بصفة خاصة على اعتبار أنه يخرج قادة هذه القطاعات، موضحا ان التعريف بكيفية صناعة القائد وادواره خاصة من خلال التجارب الناجحة التي تنفذ في القطاعات المختلفة بالدولة وخاصة المهمة منها. مؤكداً على القناعة والايمان الصادق بأن تقدم المجتمع وتبوأه المكانة اللائقة لايتأتى إلا بالسعي الدائم لتطوير ميدانه التربوي واعداد كافة عناصره لمواجهة التحديات وما تشمله من تفجر معرفي ونهضة متسارعة باعتباره ميدان صناعة العقول وصياغتها الصياغة الملائمة القادرة على الاستيعاب والادراك الواعي المستنير في أكمال مسيرة تنمية المجتمع. ومن الادراك أن الذات المهنية للمربي أيا كان موقعه لا تقف عند حد معين بل تحتاج باستمرار الى النماء والتطوير والتحديث وان هذا هو ما أخذته منطقة المعاهد التعليمية على عاتقها فتضمنته خطتها والخطط الفرعية والبرامج التدريبية والتطويرية لاطراف العملية التعليمية والتربوية كافة.

ان القيادة في قطاع مهم (التعليم) الذي يسهم في بناء الامة تحتاج الى مضاعفة امكانياتها وتفعيل دورها بهدف تأسيس قوة عصرية سليمة وفعالة ساعية أن يعم هذا التفاعل العالم العربي في كل القطاعات. وكيف أنه الإنسان الملهم الذي يملك شجاعة اتخاذ القرار في الوقت المناسب وتكون لديه القدرة على التأثير (إيجابيا) في الآخرين اضافة الى امتلاكه فن التوجيه نحو تحقيق الهدف، ان القيادة موهبة في بعض الحالات وليست أي شيء آخر .اذ ان الكثيرين من الناس لديهم الأفكار السديدة ولكن لا يملكون شجاعة اتخاذ القرار. و القائد الذي لا يؤثر فيمن حوله سواء أكان قائد منطقة تعليمية أو معلماً في فصل دراسي لا يستحق هذه القيادة، وعليه فان فن قيادة وتوجيه الاشخاص باعتباره من أصعب الامور التي لا تتم إلا بالحوار الطيب لتحويل الرؤية والحلم الى واقع ملموس ومقبول.

اما صناعة القائد الملهم والذي يعتبر ماسة نادرة لا يمكن صنعها في مصنع أو التخطيط لتطويرها دون امتلاكها للتلقائية، وذلك بانشاء مركز لتأهيل القادة في الدولة موضحاً أن تخريج القادة وبروزهم امرا غالب الاهمية، والذي يؤهل عناصر القيادة لكل القطاعات ويخطط ببرامجه التأهيلية لتلك العناصر بما يضمن نجاحها في مواقعها التعليمية اوغيرها.

ومن بين عوامل انتقاء القادة والاختبارات التي يجب ان يخضعوا لها ذهنيا وبدنيا ونفسيا وسلوكيا،و تجري هذه الاختبارات حتى يخرج القائد صاحب القدرة على تحديد التخصصات المطلوبة اليوم وغدا لصناعة القادة مثل علوم الكمبيوتر وهندسة الجينات والهندسة الالكترونية والقانون المدني، ومؤكدا ان العصر هو عصر الجينات وأن من يملك هذا العلم الذي سوف يدخل الى كل العلوم سيملك الكثير من مقتضيات العصر. وحاجة القائد الى الطريقة الصحيحة لاكتشاف الموهوبين والاذكياء، متوقعا ان تكون الادارة مستقبلا للاشخاص الذين يعدون برامج وأفكار ممتازة لاحداث التغيير.

ان القائد في عصر الانفجار المعرفي سيكون في قلب العمل ضمن الفريق وأن القائد الفاشل هو انعكاس لنظام التعليم الذي يؤصل الاداء الفردي دون الفريقي، وأن عملية استثمار الموارد البشرية يجب ان تكون في الوقت والخبرة والعصف الفكري والعلاقات العامة ان التعليم كمنظومة اجتماعية اساسية تتأثر تأثراً يوميا بآليات العصر مما يتطلب مواكبته لهذه التطورات وإلا ستكون مخرجاته لا تتلاءم مع متطلبات العصر وبالتالي تصبح الجهود التي تبذل في التعليم هدراً واضاعة للجهد والوقت والأموال.

يتم تطوير القيادات التربوية المؤهلة لتصبح أكثر مرونة في التعبير والتكيف مع كل ما هو جديد، ان المتابع لعملية صنع القرار التربوي يجد أنها تتأثر بشكل كبير بالمستوى المركزي الذي لا يمكن له أن يراعي ظروف كل المدارس في كل المناطق التعليمية.

هناك تحديات رئيسية التي تواجه القيادة التربوية التغييرية مثل ندرة الموارد من أموال ووقت وعناصر بشرية ودعم معنوي، اذ أنه بدون الدعم المالي يكون انتشار النجاحات في الميدان محدودا للغاية، وورطة التنفيذ خاصة عندما يترك منفذو المشروعات الجديدة اساليبهم القديمة ويطبقون الاساليب الحديثة، وايضا مقاومة التغيير التي تعتبر من اكبر التحديات التي تواجه وقادة التغيير التربوي بصفة خاصة والذين يجب عليهم احسان الانصات للمقاومين و

الإدارة لتكون القيادة التربوية في خدمة وبناء الإنسان ليكونوا أكثر تفاعل.
ان قيادة التغيير باعتبارها النمط القيادي المنشود لإحداث التغيير وتحقيق التعايش الفاعل لمؤسساتنا التربوية في القرن الحادي والعشرين، والاستجابة بشكل أفضل لمتطلباته وتحدياته وتقنياته . ويتضمن هذا النمط من القيادة رؤية استشرافية لمستقبل المؤسسة التربوية، ويعطي إحساساً بالهدف والمعنى لمن سيشاركون في تبني هذه الرؤية وتحقيقها . كما تؤكد قيادة التغيير على صنع القرار بطريقة تشاركية، وتعتمد على نوع مختلف من القوة لا يفرض من أعلى أو من فوق، وإنما يبرز من خلال العمل الجماعي مع الآخرين، وعن طريق تمكينهم وتحفيزهم واستثمار إمكاناتهم الفردية والجماعية بفعالية، وحل مشكلاتهم بصورة تعاونية.

تشمل جهود قيادة التغيير جانبين رئيسين في المؤسسة التربوية،هما: إعادة بناء وهيكلة التنظيم المؤسسي(Restructuring) ويتضمن إحداث التغيير في البناء الرسمي للمؤسسة التربوية، وإعادة بناء النسق الثقافي في المؤسسة التربوية(Reculturing) ويتضمن إحداث التغييرات في النماذج والأساليب والقيم والدوافع والعلاقات والمهارات . إذ تتضمن مجالات عمل قيادة التغيير: الغايات أو الأهداف، والثقافة المؤسسية، والناس، والبنية التنظيمية أو الهيكلية .

وهنالك مجموعة من القيم المؤسسية التي يتبناها القادة التربويون المعاصرون لتحقيق التغيير الناجح في مؤسساتهم التربوية، أبرزها: القيادة بالغايات والأهداف، والتمكين، والقوة الدافعة للإنجاز، ونشر السلطة وتفويضها، والرقابة النوعية، والتحويل والتطوير، والبساطة والوضوح، والتفكير المتعمق والمركب، والالتزام بالقيم العليا للمؤسسة التربوية .

وتتصل الكفايات المهنية المطلوبة من قائد التغيير الفعّال بالمواقف، وطرق التفكير، والمهارات الأدائية، والمعارف المهنية.

وقد أشارت نتائج البحوث والدراسات التربوية وحصيلة الخبرات والتجارب والممارسات الإدارية إلى أبرز أبعاد قيادة التغيير السائدة في بيئة المؤسسات التربوية التي نجحت في إحداث نقلة نوعية في طبيعة عملها وفي جودة أدائها، وذلك على النحو التالي: تطوير رؤية عامة مشتركة، وبناء اتفاق جماعي بخصوص الأهداف والأولويات، وبناء ثقافة مشتركة، ونمذجة السلوك، ومراعاة الحاجات والفروق الفردية، والتحفيز الذهني أو الاستثارة الفكرية، وتوقع مستويات أداء عليا من العاملين، وهيكلة التغيير.

إن السبب الرئيس في فشل العديد من محاولات التغيير يعود إلى الإفراط في ممارسة الدور الإداري وغياب الدور القيادي . ومن أبرز المعوقات التي تواجه المؤسسات أثناء سعيها لإحداث التغيير داخلها: الرضا المبالغ فيه عن الوضع الحالي للمؤسسة، والافتقار لوجود رؤية واضحة أو ضعف القدرة على توصيلها، وعدم وصول التغيير إلى جذور ثقافة المؤسسة، ومقاومة بعض العاملين للتغيير ومعارضتهم له بسبب ارتياحهم للمألوف، والخوف من المجهول أو من فقدان المصالح المكتسبة والمرتبطة بالوضع القائم، أو سوء فهمهم للآثار المرتقبة للتغيير.

وفي ضوء الأدب التربوي والخبرة العملية، يمكن تلخيص أبرز المقترحات لضمان نجاح التغيير وتقبل العاملين ودعمهم له فيما يلي: التأكيد على قيادة التغيير عوضاً عن إدارته، والحصول على دعم الإدارة العليا وصانعي القرار للتغيير، وتنمية القيادات القادرة على إحداث التغيير والإبداع والابتكار والعمل الجماعي، وتحليل العوامل المقاومة للتغيير ودراستها، وتعزيز المناخ الإيجابي الداعم للتغيير، وتوفير نظم التواصل والتسهيلات والتقنيات والمعلومات المساندة للتغيير لإنجاحه